مكانة المسؤولية الاجتماعية في التربية الكشفية

نماء

المسؤولية الاجتماعية، عنصر هام لبناء تقدم و ازدهار المجتمعات، عن طريق تكافل و اتحاد جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول للمشاكل و الآفات و الظواهر التي قد تعترض سبيل التطور. و تتجلى في معرفة الحقوق و الواجبات الفردية و الجماعية لأفراد المجتمع، و حجم المسؤولية الاجتماعية عبر ممارسة سلوكيات معينة ذات أهداف محددة تصب نحو ابتكار الحلول المناسبة.
تختلف حجم المسؤولية الاجتماعية باختلاف الهيئة أو الفرد المسؤول، فالدولة أو الحكومة تكون مسؤولياتها الاجتماعية اتجاه الوطن و المجتمع و المواطنين، من جهة أخرى المواطنين لهم نصيب من المسؤولية اتجاه الوطن و المجتمع، هيئات المجتمع المدني و مؤسساته كذلك …
و باعتبار الحركة الكشفية حركة تربوية تطوعية موجهة للفتية و الشباب، فهذا يعني أن لها من المسؤولية الاجتماعية نصيب هام، لكونها مكملة للتربية و موجهة للناشئين من الشباب ليكونو فاعلين إيجابين لأنفسهم و مجتمعاتهم. و لكون الطريقة الكشفية هي نظام للتعليم الذاتي التدريجي، يعني أن كل شاب يعتبر فردا مميزا يتمتع بإمكانية التطور في كل الجوانب، و الإطار المنظم الذي يهدف إلى توجيه و تشجيع الشباب على المضي قدما في مسار التنمية الشخصية، كان للمؤتمر العالمي 41 بأذربذجان، أن عدل عناصر الطريقة الكشفية بإضافة عنصري ثامنا: “المشاركة المجتمعية”، و علل ذلك بأن:

🔸️ ينبغي ربط كل فرصة تعلم يقوم بها الكشافة بكيفية استفادة المجتمع منها.
🔸️ تشجع المشاركة المجتمعية على زيادة التماسك، و تحشد جهود كل فرد من أفراد المجتمع نحو هدف مشترك يتمثل في تحويل مجتمعاتهم نحو الأفضل.
🔸️ خلق عالم أفضل هي رحلة الكشافة التي لا يمكن أن يستمر فيها الكشاف من تلقاء نفسه تاركا المجتمع خلفه.
و بالتالي، يمكن أن نربط المسؤولية الاجتماعية داخل الحركة الكشفية بمساعدة و مجهودات الكشافة لخلق عالم أفضل، و ينصب التركيز عندها على قيم المواطنة الفعالة و مسؤولية كل كشاف في معرفة أدواره داخل المجتمع من تنمية ذاتية ثؤثر إيجابيا على مجتمعه.

الكشفية الحسنية المغربية و منذ تأسيسها، تنصب بين اهتماماتها مسؤولياتها الاجتماعية اتجاه المجتمع المغربي، بداية من مقاومة الاستعمار و المشاركة في بناء طريق الوحدة، و تدخلات أعضائها في إغاثة و مساعدة
المتضررين من زلزال أكادير و الحسيمة و الفياضات. و العديد من الأوراش الاجتماعية التي كانت بمثابة حلول لمشاكل اجتماعية آنذاك؛ كأوراش محاربة التصحر و التوعية بداء السيدا و مخاطره، و التحسيس بأهمية اليود… إلى غير ذلك من المبادرات المنطقة من طلب و حاجة اجتماعية.
لكن، يبقى الهدف الأسمى للحركة الكشفية عامة و للكشفية الحسنية المغربية خاصة، تربية الناشئة و مساعدة الفتية و الشباب على الاستفادة من قدراتهم ليكونوا نافعين لأنفسهم و إيجابيين في مجتمعاتهم، أعظم إحساس بالمسؤولية الاجتماعية الذي تقدمه الحركة الكشفية، و بالتالي تطعيم المجتمع المغربي بشباب واع قادر على خدمة الوطن و المضي به نحو الأفضل.
الآن، و في بداية القرن الواحد و العشرين، تطفوا مشاكل اجتماعية من نوع آخر، بعضها تراكمات ظواهر لم تعالج في وقتها، و البعض الآخر ناتج عن التطور الاجتماعي و الديموغرافي و التكنولوجي الذي نعيشه. مشاكل و ظواهر باتت تخلق إزعاجا و عائقا للازدهار و التقدم، لذالك وجب معالجتها وفق مقاربة تشاركية بين جميع مكونات المجتمع من مؤسسات حكومية و مجتمع مدني و أفراد مواطنين، و نحن معنيون ككشفية حسنية مغربية بهذا الأمر، و من هنا تنطلق مسؤوليتنا الاجتماعية.
أزمة السكن، البطالة، الثلوث، الهدر المدرسي بالقرى و مخلفات تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الداخلي و المستوى المعيشي للمواطن المغربي … إلى غير ذلك من الظواهر الواجب أن نتدخل كلا من مركزه لدعم الازدهار و للرقي بمجتمعنا و بلادنا.
فكان توسيع مفهوم أهداف التنمية المستدامة و غاياتها أمرا حثميا على المفوضية الوطنية في المسؤولية الاجتماعية، حيث نستلهم منها مشاريع و برامج تخدم فتيتنا و شبابنا المنخرطين (من جميع المراحل) من جهة، و المجتمع من جهة أخرى، و من المشاريع التي نزلت لأرض الواقع و التي تخدم أجندة 2030 و تحل مشاكل اجتماعية و توفر مرتعا للشباب لتجاوز عوائق تقدمهم، هي مشاريع المقاولات الاجتماعية و التي كان للكشفية الحسنية نصيب في توجيه و مواكبة شبابها للرقي بالمستوى الاجتماعي و السوسيوقتصادي للمغرب، و ذلك عبر شراكات نموذجية. لتكون الخطوة الأولى في هذا المخطط العميق و الذي تتبناه الدولة المغربية و تضرب عليه آمالها للحد من ظواهر نذكر منها: البطالة في صفوف الشباب، و بالتالي نضمن استدامة لقطار التقدم و الازدهار.
للوصول للهدف المنشود و خدمة لمسؤولياتنا اتجاه المجتمع : تجويد المنتوج الكشفي وفق متطلبات اجتماعية ، وجب تحديد رؤية بعيدة المدى لأقلمة منتوجنا الكشفي (على مستوى جميع المراحل السنية) باحتياجات فتيتنا و شبابنا و مجتمعنا المغربي، وفق مقاربة تصل المراحل الأربعة بعضهم ببعض بحيث يكون الملمح النهائي للفرد عند نهاية مرحة x هو الملمح المطلوب لخوض غمار المرحلة السنية.
و لم يتسنى لنا هذا إلا بتفعيل آليات حكامة تربوية و تسييرية إدارية تتوافق و الأهداف التربوية للكشفية الحسنية المغربية،  كل هذا قصد تفعيل أدوارنا و الالتزام بمسؤولياتنا المجتمعية اتجاه المواطن و المجتمع المغربي و بالتالي نحو عالم أفضل.

سمير العسري
المفوض الوطني في المسؤولية الاجتماعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
إغلاق